مشاهدة الموضوع
الجنون
فنون، والحب أيضاً جنون، ومن بين مظاهر هذا الجنون الولع بملابس المرأة
ومظهرها الخارجي. فهناك حالات كان فيها الحذاء السبب في وقوع الرجل في
حبائل الحب، تماماً مثلما حصل مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في الفيلم
الكوميدي الشهير «مطار الحب»، حيث تحول دوره من ضابط مراقبة جوية، يرصد
ويوجه الطائرات الهابطة بالمطار، إلى الولع بأحذية المضيفات ومراقبتهن وهن
يهبطن من فوق درج الطائرات. سعادته كانت تكتمل وهو يرى حذاءً أنيقاً يلمع
في عدسة التلسكوب.
ورغم
غرابة قصة الفيلم التي تدور حول ولع البطل بأحذية النساء، إلا أنها لا
تبتعد كثيراً عن الواقع، ففي التاريخ قصص حول الحذاء أكثر غرابة وطرافة.
يروي الباحث الأثري هليل علي أنه في أدبيات الحضارة الفرعونية كان «الصندل،
وهو أول شكل للحذاء يصنع في التاريخ، يعتبر علامة على المكانة الاجتماعية،
حيث كان العبيد يسيرون حفاة أو يرتدون صنادل بسيطة مصنوعة من أوراق
النخيل، بينما كان المواطنون العاديون يرتدون صنادل من أوراق البردي
المنسوجة، مؤلفة من نعل مسطح يربط بالقدمين بشريط يمر عبر الأصابع. أما
الصنادل ذات المقدمة المدببة فكانت حكراً على أبناء الطبقات الأعلى من
المجتمع. وكان محظوراً استخدام اللونين الأحمر والأصفر على أي شخص من خارج
الطبقة الارستقراطية، فيما ظلت الصنادل الذهبية والمرصعة بالجواهر حكراً
على الملك وحاشيته». ولحسن الحظ أن الموضة اليوم أصبحت أكثر ديمقراطية،
فإلى جانب الأحذية الباهظة التي تقدر بآلاف الدولارات، هناك أشكال مشابهة
لها بأسعار تخاطب ذوات الدخل المحدود، حتى إذا لم تكن نية المرأة إغواء
رجل، فهي على الأقل تغذي رغبة شخصية بداخلها. محمود إمام، وهو محاسب بأحد
المصارف يبلغ من العمر 26 عاماً، من بين الذين يؤكدون إمكانية بداية قصة حب
قد تؤدي إلى الزواج، بسبب الحذاء، بحكم معايشته لقصة زواج صديق له قال إن
إعجابه بزوجته كانت بدايته من إعجابه بتصميم ولون حذائها.
لكن
مع ذلك، فهو يرفض المبالغة في الاعتماد على المظهر في تقييم الآخر، وينتقد
إحدى زميلاته في العمل، لكونها تصر على أن تقيّم الرجل من هذا المنطلق.
فهي كما يقول، ترى أن الرجل إذا كان يهتم بحذائه ويحرص على أن يكون ملمعاً،
فهي تعتبره شخصية محترمة، وإذا كان غير ذلك فهي تتحفظ على إبداء رأيها
فيه». ويبدو أن زميلة محمود ليست وحدها من يحتفي بالحذاء، ويتخذه ركيزة في
تقييم شخصية الآخر، فهناك عمرو ناجح، وهو فنان تشكيلي شاب، شارك أخيراً في
صالون الشباب بعمل مركب اعتمد في كل مقوماته على الحذاء. يقول عمرو:
«الحذاء ليس مجرد وسيلة، أو أداة تكمل المظهر الخارجي للإنسان، وإنما هو
مرادف لفكرة الانسجام والراحة، وكثيراً ما تنشأ علاقة حميمة بين المرء
وحذائه، حتى إنه يهتم به ويرعاه وكأنه كائن حي. كما أن الحذاء حمّال لرموز
ودلالات اجتماعية وسياسية، لذلك اتخذته مقوماً بصرياً في بعض أعمالي».
ويذكر عمرو أن هناك عدداً من الفنانين العالميين كان الحذاء مفردة أساسية في بعض أعمالهم، ومنهم سلفادور دالي وبيكاسو.
أما
عن علاقة حذاء المرأة بقلب الرجل، فلا يستبعد عمرو هذه العلاقة، بل يؤكد
أنه شخصياً يركز على حذاء المرأة، ليس فقط كمظهر من مظاهر الجمال والأناقة،
بل لقراءة سيكولوجية صاحبته. ويفسر فكرته بقوله إن «هناك نساء طويلات
القامة ومع ذلك يلبسن أحذية بكعب عال، وهذا يعكس ـ برأيي ـ مساحة من
الاضطراب في المشاعر والعواطف، وعلى العكس هناك أخريات قصيرات القامة يلبسن
أحذية عادية بلا كعب..» ويخلص عمر إلى أن مسألة الحذاء في جوهرها نسبية،
لكن المهم أن يحقق للمرء الراحة، فمن هذا الشعور يبدأ الانسجام بين المرء
وخطواته والطريق الذي يمشي عليه. جنون الحذاء ومفارقاته، واحتمالية أن
يتحول إلى عقدة نفسية مثلما ورد في فيلم فؤاد المهندس، تعلق عليه دكتورة
تحية عبد العال، الأستاذة بكلية التربية بجامعة بنها، قائلة: «نعم، هناك
مرض نفسي يرتبط بالرجال تحديداً يدعى «الفيتشية» ويشير إلى تعلق الرجل ببعض
الأمور التي تخص النساء، مثل المنديل أو الحذاء». وتشير تحية إلى دراسة
علمية مثيرة أجرتها حديثاً جامعة بولونيا توصلت من خلالها إلى أن الولع
بالأحذية تحديداً يشكل النسبة الأكبر بين صور «الفيتشية» (64%). ومن
المعتقد أن أسماء لامعة كانت مصابة بهذا الداء العجيب، منها ألفيس بريسلي
وكازانوفا. وتلفت دكتورة تحية إلى وجود تباين بين الرجل والمرأة في مستوى
التقييم من خلال المظهر. فالرجل في تقييمه لشخصية المرأة يبدي اهتماماً
أكبر بالمظهر والملبس، بينما ينصب الجزء الأكبر من اهتمام المرأة في
تقييمها للرجل على أسلوب تعبيره عن أفكاره، فهي تهتم بذلك أكثر من اهتمامها
بالأفكار ذاتها. وإذا كان الحذاء له سحر وجاذبية في نظر بعض الرجال، فإنه
بالنسبة لبعض النساء تحول إلى هوس. والدليل أن اسم إيميلدا ماركوس، زوجة
رئيس الفلبين سابقاً، لوحده، أصبح يغني عن أي شرح أو تفسير. فقد كانت تمتلك
ما يقدر بـ3000 زوج من الأحذية، بعضها مرصع بالمجوهرات.
وامتد
الولع الاستفزازي بالأحذية الباهظة إلى إيلينا، زوجة الديكتاتور الروماني
نيقولاي أندروتا تشاوشيسكو، التي أعدمت معه رمياً بالرصاص عام 1989. ويقدر
البعض أن مجموعة الأحذية التي امتلكتها هذه الأخيرة تفوق ما امتلكته
نظيرتها الفلبينية. ويقال أيضاً إن ابنة الديكتاتور كانت ترتدي أحذية تمت
حياكتها بخيوط من الذهب. وتكمن المفارقة في أن تشاوشيسكو نفسه كان يعمل
صانعاً للأحذية قبل انضمامه للحقل السياسي. كما أبدت الأسطورة إيفا بيرون،
زوجة الرئيس الأرجنتيني السابق خوان بيرون، ولعاً مشابهاً بالأحذية، حيث
كانت تصنع لها أحذية على المقاس من فراء حيوان المنك، رغم الحظر المفروض
على صيده باعتباره أحد الكائنات المهددة بالانقراض.
أما
أحدث نوادر الولع بالأحذية فشهدها يناير (كانون الثاني) هذا العام عندما
طرح الملياردير المصري محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة ببريطانيا،
أغلى حذاء في العالم وقيمته 2 مليون دولار، كونه مرصعاً بالألماس والأحجار
الكريمة. الفايد علق على الأمر بقوله: «قد يكون من نصيب سعيدة حظ، من أين
لي أن أعلم».
الجنون
فنون، والحب أيضاً جنون، ومن بين مظاهر هذا الجنون الولع بملابس المرأة
ومظهرها الخارجي. فهناك حالات كان فيها الحذاء السبب في وقوع الرجل في
حبائل الحب، تماماً مثلما حصل مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في الفيلم
الكوميدي الشهير «مطار الحب»، حيث تحول دوره من ضابط مراقبة جوية، يرصد
ويوجه الطائرات الهابطة بالمطار، إلى الولع بأحذية المضيفات ومراقبتهن وهن
يهبطن من فوق درج الطائرات. سعادته كانت تكتمل وهو يرى حذاءً أنيقاً يلمع
في عدسة التلسكوب.
ورغم
غرابة قصة الفيلم التي تدور حول ولع البطل بأحذية النساء، إلا أنها لا
تبتعد كثيراً عن الواقع، ففي التاريخ قصص حول الحذاء أكثر غرابة وطرافة.
يروي الباحث الأثري هليل علي أنه في أدبيات الحضارة الفرعونية كان «الصندل،
وهو أول شكل للحذاء يصنع في التاريخ، يعتبر علامة على المكانة الاجتماعية،
حيث كان العبيد يسيرون حفاة أو يرتدون صنادل بسيطة مصنوعة من أوراق
النخيل، بينما كان المواطنون العاديون يرتدون صنادل من أوراق البردي
المنسوجة، مؤلفة من نعل مسطح يربط بالقدمين بشريط يمر عبر الأصابع. أما
الصنادل ذات المقدمة المدببة فكانت حكراً على أبناء الطبقات الأعلى من
المجتمع. وكان محظوراً استخدام اللونين الأحمر والأصفر على أي شخص من خارج
الطبقة الارستقراطية، فيما ظلت الصنادل الذهبية والمرصعة بالجواهر حكراً
على الملك وحاشيته». ولحسن الحظ أن الموضة اليوم أصبحت أكثر ديمقراطية،
فإلى جانب الأحذية الباهظة التي تقدر بآلاف الدولارات، هناك أشكال مشابهة
لها بأسعار تخاطب ذوات الدخل المحدود، حتى إذا لم تكن نية المرأة إغواء
رجل، فهي على الأقل تغذي رغبة شخصية بداخلها. محمود إمام، وهو محاسب بأحد
المصارف يبلغ من العمر 26 عاماً، من بين الذين يؤكدون إمكانية بداية قصة حب
قد تؤدي إلى الزواج، بسبب الحذاء، بحكم معايشته لقصة زواج صديق له قال إن
إعجابه بزوجته كانت بدايته من إعجابه بتصميم ولون حذائها.
لكن
مع ذلك، فهو يرفض المبالغة في الاعتماد على المظهر في تقييم الآخر، وينتقد
إحدى زميلاته في العمل، لكونها تصر على أن تقيّم الرجل من هذا المنطلق.
فهي كما يقول، ترى أن الرجل إذا كان يهتم بحذائه ويحرص على أن يكون ملمعاً،
فهي تعتبره شخصية محترمة، وإذا كان غير ذلك فهي تتحفظ على إبداء رأيها
فيه». ويبدو أن زميلة محمود ليست وحدها من يحتفي بالحذاء، ويتخذه ركيزة في
تقييم شخصية الآخر، فهناك عمرو ناجح، وهو فنان تشكيلي شاب، شارك أخيراً في
صالون الشباب بعمل مركب اعتمد في كل مقوماته على الحذاء. يقول عمرو:
«الحذاء ليس مجرد وسيلة، أو أداة تكمل المظهر الخارجي للإنسان، وإنما هو
مرادف لفكرة الانسجام والراحة، وكثيراً ما تنشأ علاقة حميمة بين المرء
وحذائه، حتى إنه يهتم به ويرعاه وكأنه كائن حي. كما أن الحذاء حمّال لرموز
ودلالات اجتماعية وسياسية، لذلك اتخذته مقوماً بصرياً في بعض أعمالي».
ويذكر عمرو أن هناك عدداً من الفنانين العالميين كان الحذاء مفردة أساسية في بعض أعمالهم، ومنهم سلفادور دالي وبيكاسو.
أما
عن علاقة حذاء المرأة بقلب الرجل، فلا يستبعد عمرو هذه العلاقة، بل يؤكد
أنه شخصياً يركز على حذاء المرأة، ليس فقط كمظهر من مظاهر الجمال والأناقة،
بل لقراءة سيكولوجية صاحبته. ويفسر فكرته بقوله إن «هناك نساء طويلات
القامة ومع ذلك يلبسن أحذية بكعب عال، وهذا يعكس ـ برأيي ـ مساحة من
الاضطراب في المشاعر والعواطف، وعلى العكس هناك أخريات قصيرات القامة يلبسن
أحذية عادية بلا كعب..» ويخلص عمر إلى أن مسألة الحذاء في جوهرها نسبية،
لكن المهم أن يحقق للمرء الراحة، فمن هذا الشعور يبدأ الانسجام بين المرء
وخطواته والطريق الذي يمشي عليه. جنون الحذاء ومفارقاته، واحتمالية أن
يتحول إلى عقدة نفسية مثلما ورد في فيلم فؤاد المهندس، تعلق عليه دكتورة
تحية عبد العال، الأستاذة بكلية التربية بجامعة بنها، قائلة: «نعم، هناك
مرض نفسي يرتبط بالرجال تحديداً يدعى «الفيتشية» ويشير إلى تعلق الرجل ببعض
الأمور التي تخص النساء، مثل المنديل أو الحذاء». وتشير تحية إلى دراسة
علمية مثيرة أجرتها حديثاً جامعة بولونيا توصلت من خلالها إلى أن الولع
بالأحذية تحديداً يشكل النسبة الأكبر بين صور «الفيتشية» (64%). ومن
المعتقد أن أسماء لامعة كانت مصابة بهذا الداء العجيب، منها ألفيس بريسلي
وكازانوفا. وتلفت دكتورة تحية إلى وجود تباين بين الرجل والمرأة في مستوى
التقييم من خلال المظهر. فالرجل في تقييمه لشخصية المرأة يبدي اهتماماً
أكبر بالمظهر والملبس، بينما ينصب الجزء الأكبر من اهتمام المرأة في
تقييمها للرجل على أسلوب تعبيره عن أفكاره، فهي تهتم بذلك أكثر من اهتمامها
بالأفكار ذاتها. وإذا كان الحذاء له سحر وجاذبية في نظر بعض الرجال، فإنه
بالنسبة لبعض النساء تحول إلى هوس. والدليل أن اسم إيميلدا ماركوس، زوجة
رئيس الفلبين سابقاً، لوحده، أصبح يغني عن أي شرح أو تفسير. فقد كانت تمتلك
ما يقدر بـ3000 زوج من الأحذية، بعضها مرصع بالمجوهرات.
وامتد
الولع الاستفزازي بالأحذية الباهظة إلى إيلينا، زوجة الديكتاتور الروماني
نيقولاي أندروتا تشاوشيسكو، التي أعدمت معه رمياً بالرصاص عام 1989. ويقدر
البعض أن مجموعة الأحذية التي امتلكتها هذه الأخيرة تفوق ما امتلكته
نظيرتها الفلبينية. ويقال أيضاً إن ابنة الديكتاتور كانت ترتدي أحذية تمت
حياكتها بخيوط من الذهب. وتكمن المفارقة في أن تشاوشيسكو نفسه كان يعمل
صانعاً للأحذية قبل انضمامه للحقل السياسي. كما أبدت الأسطورة إيفا بيرون،
زوجة الرئيس الأرجنتيني السابق خوان بيرون، ولعاً مشابهاً بالأحذية، حيث
كانت تصنع لها أحذية على المقاس من فراء حيوان المنك، رغم الحظر المفروض
على صيده باعتباره أحد الكائنات المهددة بالانقراض.
أما
أحدث نوادر الولع بالأحذية فشهدها يناير (كانون الثاني) هذا العام عندما
طرح الملياردير المصري محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة ببريطانيا،
أغلى حذاء في العالم وقيمته 2 مليون دولار، كونه مرصعاً بالألماس والأحجار
الكريمة. الفايد علق على الأمر بقوله: «قد يكون من نصيب سعيدة حظ، من أين
لي أن أعلم».
0 التعليقات:
إرسال تعليق